نبض أرقام
03:16
توقيت مكة المكرمة

2024/05/20
2024/05/19
15:21
14:03
13:49
12:21

انقلاب الروبوتات .. كيف يتحول الفائزون جراء عولمة الاقتصاد إلى خاسرين؟

2019/09/13 أرقام - خاص

أفرزت العولمة الاقتصادية مجموعة من "المنتصرين" أي هؤلاء الذين استطاعوا تنمية ثرواتهم بفعل القواعد التي أقرتها العولمة من حرية التجارة وتبادل رؤوس الأموال، فضلًا عن الاستفادة من الاقتصاد الحديث، ولا سيما اقتصاد المعلومات الذي سمح بتنامي الثروات بسرعة قياسية.
 

 

لا منتصرون
 

لكن ماذا لو أصبح المنتصرون الأوائل جراء ذلك الخاسرين القادمين، كما يرى كتاب "ريتشارد بالدوين" "ثورة روبوتات العولمة "، والذي يعد بمثابة تحذير لنخبة رجال الأعمال في العالم، من مستقبل اقتصادات العولمة.
 

ووفقا لنظرية "بالدوين"، فإنه غالبًا ما أضرت التغييرات التجارية والتكنولوجية الحديثة بالمشتغلين  بالصناعة من العمال أو أصحاب الياقات الزرقاء، بينما لم يتأثر الموظفون من ذوي الياقات البيضاء ولم يصبهم أي ضرر.

وخلافا لذلك، يعتقد "بالدوين" أن هذا على وشك التغيير من خلال ما يسميه بصراحة "روبوتات العولمة"، أي العولمة المختلطة بأنواع جديدة من الروبوتات والذكاء الاصطناعي إلى التقنيات التي تسهل تنفيذ مهام وظائف الخدمات خارجيا.
 

وبدلاً من عمال المصانع، سيكون الخاسرون هذه المرة المحاسبين والأطباء والمحامين، ما يمثل إشارة واضحة لغضب الطبقة الوسطى جراء الخسارة، حيث ستصبح منافسة الروبوتات والبرمجيات التي ستحل محل أصحاب الياقات البيضاء عن بعد غير عادلة بشكل كبير.
 

كما يتوقع "بالدوين "أن يكون هناك نوع من رد الفعل العكسي عندما يبدأ أصحاب الياقات البيضاء مشاركة ألم العمال ذوي الياقات الزرقاء، وهو أمر لا مفر منه.
 

التعليم الآلي
 

إن التنبؤات الرهيبة حول الروبوتات التي "تقتل" الوظائف ليست جديدة. لكن تنبؤات "بالدوين"، وهو خبير اقتصادي في معهد الدراسات العليا في جنيف تختلف حيث يعتمد على مزيج من التغييرات التكنولوجية في إظهار نظريته.
 

فالتعليم الآلي (أي إنشاء الذكاء الاصطناعي) سيقوم بميكنة المهام التي يؤديها تقليديًا مهنيون ماهرون  بداية من تقييم مطالبات التأمين إلى التشخيص الطبي، كما يمكن لبرامج الترجمة، التي تحسنت بشكل سريع في أعقاب التقدم الذي حققته جوجل، إزالة الحواجز اللغوية بالكامل بما يؤدي إلى إزاحة عقبة أخيرة أمام العمال الأجانب.
 

 

وفي مكان آخر، ستسهل أنظمة "الوجود عن بُعد" التي تستخدم شاشات فيديو كبيرة إدارة الفرق المنتشرة في جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى البرامج مثل "سلاك" وهو تطبيق المراسلة في مكان العمل، والتي ستقوم بنفس المهمة.
 

كما سيصل الواقع الافتراضي والمعزز إلى أماكن العمل أيضًا، مثل نظام مايكروسوفت التجريبي، الذي يعد بمستقبل واعد لاجتماعات تعتمد على تقنية الهولوغرام على غرار أفلام واستعراضات هوليوود، والذي يعد رائد هذا الشكل في وقتنا الحالي ومؤشرا لطبيعة التغيرات في المستقبل.
 

هكذا بدأت العولمة
 

وعلى الرغم من إقراره بوجود اتهامات بالمبالغات لمن يتحدثون عن استبدال العمالة من خلال الذكاء الاصطناعي، إلا أنه يُذكر كيف أن موجات العولمة السابقة كانت مدفوعة بما يبدو الآن أنظمة بدائية، بدءا من مايكروسوفت إكسيل إلى البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية الرخيصة، وجاءت كلها لتسمح للشركات متعددة الجنسيات بإدارة عمليات بعيدة وبالتالي إعادة تشكيل التصنيع العالمي.
 

وبذلك، يبدو من المعقول أن شيئًا بعمق الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون له تأثير كبير على عمل أصحاب الياقات البيضاء. وينطبق الشيء نفسه على التقنيات التي تقلل من الحاجة إلى الاتصال المباشر وجها لوجه باعتبار ذلك أحد الأشياء القليلة التي ساعدت على عزل موظفي المكاتب عن المنافسة الأجنبية حتى الآن.
 

ونتيجة لذلك، يمكن لمئات الملايين من الناس في مدن مثل حيدر آباد في الهند وشنتشن في الصين البدء في أداء مهامهم بمجرد الاضطلاع بها فقط في ظل اقتصادات مزدهرة. كما يمكن أن تستفيد بعض الدول النامية، حيث يمكن للهند التي تتمتع بعدد كبير من السكان الناطقين بالإنجليزية وجيوش التقنيين، أن تصبح مركزًا لتنفيذ الخدمات خارجيا، تماما مثلما كانت الصين للتصنيع.
 

ويعتقد "بالدوين" أن عدد الوظائف في المهن المهددة بداية من المالية والإعلام إلى البحث العلمي أصبحت مرتفعة بشكل استثنائي، وكذلك قد ترتفع معدلات عدم المساواة أيضًا، حيث ستظهر انقسامات جديدة بين النخب ذات المهارات العالية وغيرها.
 

"الجميع مهددون"
 

ومن المتوقع أن تغضب الطبقة الوسطى التي كانت مزدهرة من قبل، والتي كانت تميل إلى دعم الانفتاح الاقتصادي. ما يجعل احتمال أن يتبع ذلك احتجاجات تستهدف الشركات متعددة الجنسيات وشركات التكنولوجيا الكبرى على وجه الخصوص منطقيا.
 

 وكذلك، سيكون لدى الأشخاص الحضريين والمتعلمين الذين صوتوا ضد الشعبوية موقف جديد تمامًا عندما تقترب العولمة والميكنة من إلحاق الضرر بهم بشكل شخصي.
 

 

وعلى الرغم من كل ذلك يظل "بالدوين" داعمًا للعولمة وفوائدها الاقتصادية الأوسع نطاقًا، حيث خلقت موجات الاضطراب السابقة  في النهاية وظائف أكثر وأفضل مما دمرت. كما يرى أن ثورة "روبوتات العولمة" لا مفر منها ولكنها مفيدة في الوقت ذاته، على الأقل على المدى الطويل. ويختتم قائلاً: "أعتقد أنها ستؤدي إلى مجتمع أفضل".
 

المشكلة الملحة هي على المدى القصير، حيث ينصح "بالدوين" العمال القلقين من العثور على وظائف "لا يمكن أن يقوم بها الروبوتات"، لا سيما تلك التي تنطوي على التعامل مع البشر الآخرين.
 

ويشير الكاتب إلى نظام "فليكسكيوريتي" في الدنمارك، والذي يجمع بين أسواق العمل المرنة والدعم السخي للرعاية وإعادة التدريب لمساعدة العمال على التغلب على تقلبات التغييرات الاقتصادية.
 

ومع ذلك ، لا يزال هناك خطر كبير يتمثل في تكرار الأخطاء التي ارتكبت خلال التسعينيات وبداية الألفية الجديدة، عندما قدم المتحمسون للعولمة وعوداً فارغة بإعادة غنائم النمو العالمي لـ"تعويض" الخاسرين نتيجة التجارة والتكامل. وحقيقة أن هذا لم يحدث قط يفسر الكثير من ردود الفعل التي تلت ذلك.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة