نبض أرقام
07:28
توقيت مكة المكرمة

2024/05/20
2024/05/19
15:21

على غرار " اتفاقية باريس للمناخ" .. الاقتصاد العالمي يحتاج إلى اتفاقية تحمي الطبيعة

2020/03/02 أرقام

يتعامل الإنسان دوماً مع النظام البيئي دون تقدير كاف، فالنظم البيئية أكثر من مجرد مشاهد تسر الناظرين وحياة برية مدهشة، ولذلك هي في حاجة إلى حماية بموجب اتفاقية مثل اتفاقية باريس لتغير المناخ، كما تقول إحدى المنظمات غير الحكومية المعنية بشؤون البيئة.

 

 

فنحن كبشر نعتمد على الطبيعة في تأمين احتياجاتنا من أساسيات الحياة من مأكل وملبس ومشرب وعلاج، ومع ذلك فإن الجنس البشري هو المتسبب الأكبر في فقدان تلك الطبيعة لخواصها، مشّكلا بذلك تهديداً كبيراً للاقتصاد ومكلفاً إياه تريليونات الدولارات كما حذر الصندوق العالمي للطبيعة في تقرير حديث له.

 

الطبيعة تنحسر

 

تتضاءل الطبيعة أو العالم الطبيعي بمعدلات غير مسبوقة في تاريخ البشرية بشكل يهدد ما يقرب من مليون نوع من الكائنات الحية بالانقراض وفقاً للصندوق. منذ عام 1970 وحتى الآن انخفضت أعداد الأحياء البرية بنسبة 60% في المتوسط. وفي خلال نفس الفترة فقدت نصف الشعاب المرجانية في العالم وأكثر من ثلث المناطق الرطبة.

 

كما أصدرت مبادرة "جلوبال فيوتشرز إنشيتف" تحذيراً صارخاً أشارت خلاله إلى أنه إذا لم تتوقف عملية الهدر البيئي وتمضي في الاتجاه المعاكس فسوف يفقد الاقتصاد العالمي  تريليونات الدولارات وتدمر صناعات بأكملها، وتتأثر حياة ملايين البشر.

 

ويقول "ماركو لامبرتيني" رئيس الصندوق العالمي للطبيعة "إن الطبيعة تدعم صحتنا ورفاهيتنا وسبل عيشنا، ومع ذلك فنحن ندمرها بشكل أسرع بكثير مما يمكنها هي أن ترمم نفسها". وتابع قائلًا: "إن التصدي لانحسار الطبيعة وتدهورها يتطلب منا أن نضع أهدافًا تستند إلى العلم مماثلة لهدف الحد من أثر الكربون في اتفاقية باريس".

 

 

تغير المناخ والطقس المتطرف والفيضانات ونقص المياه وتآكل التربة وانقراض الكائنات الحية، كلها أدلة تشير إلى أن كوكبنا يتغير بوتيرة أسرع من أي وقت آخر، حيث يقول الصندوق العالمي للطبيعة "إن الطريقة التي نتغذى بها ونحصل بها على الوقود والتمويل اللازم لحياتنا تدمر النظام الداعم للحياة على الكوكب الذي نعيش عليه. ومع دخولنا لعقد جديد سنجد أنفسنا لسنا في أزمة بيئية فقط وإنما نتجه إلى أزمة اقتصادية أيضًا".

 

ويبرز تقرير الصندوق العالمي للطبيعة المنافع التي توفرها الطبيعة لجميع الدول والصناعات من خلال "خدمات النظام البيئي" بما في ذلك تلقيح المحاصيل وحماية السواحل من الفيضانات والتآكل، والمياه العذبة والهواء وإنتاج الأخشاب ومصايد الأسماك البحرية وتخزين الكربون.

 

كما يوضح التقرير كيف أن الأصول الطبيعية التي توفر لنا هذه الخدمات (مثل الغابات والأراضي الرطبة والشعاب المرجانية والثروة السمكية) ستتغير في إطار عدد من سيناريوهات التنمية المستقبلية، وكيف ستؤثر التغيرات التي ستعتري الأنظمة البيئية على النتائج الاقتصادية بما في ذلك الناتج المحلي الإجمالي وحركة التجارة ومعدلات الإنتاج وأسعار السلع.

 

تكاليف باهظة

 

يشير تقرير الصندوق إلى أنه إذا لم نجر أية تغييرات في طريقة تعاملنا مع الطبيعة فإن الأضرار التي ستلحق بالأنظمة البيئية والخدمات التي تقدمها لنا ستؤدي لخفض إجمالي الناتج المحلي العالمي بمقدار 479 مليار دولار أو 0.67٪ سنويًا، مما يؤدي إلى خسائر إجمالية بين عامي 2011 و2050 تقدر بقيمة 9.87 تريليون دولار.

 

جزء كبير من التكلفة سيكون مصدره ارتفاع أسعار السلع الأساسية مثل الأخشاب والتي سترتفع بنسبة 8٪ والقطن (+ 6٪) والبذور الزيتية (+ 4 ٪) والفواكه والخضراوات (+ 3٪) حيث إن القطاعات الزراعية في العالم ستكون الأكثر تضرراً من جراء فقدان فوائد الطبيعة.

 

كما ستضر آثار التغيرات في أسعار السلع ومعدلات التجارة والإنتاج بأشد البلدان فقراً مما يضاعف من المخاطر التي يواجهها الملايين في الاقتصادات الضعيفة في مناطق مثل شرق وغرب أفريقيا وآسيا الوسطى وأجزاء من أمريكا الجنوبية، وسيؤدي ذلك إلى انخفاضات في الناتج الإجمالي المحلي لتلك الدول تصل إلى 4 ٪ سنويا.

 

 

أما بالنسبة للدول الصناعية مثل الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وأستراليا والمملكة المتحدة فسوف تشهد خسائر كبيرة على خلفية فقدانها لأجزاء من البنية التحتية الساحلية والأراضي الزراعية بسبب الفيضانات وتآكل السواحل.

 

لكن الصندوق العالمي للطبيعة يقول إن "هذه الأرقام متحفظة للغاية ويجب ألا تعتبر تقييمًا للتكاليف الإجمالية لخسائر الطبيعة لعدة أسباب مهمة. فالنموذج الحالي للتقرير لا يأخذ في الاعتبار سوى ست من خدمات النظام البيئي العديدة التي توفرها الحياة الطبيعية (تلك التي تتوفر أدلة كافية لتحديدها).

 

كما أنه لا يفسر الآثار المحتملة "لنقاط التحول" تلك النقاط التي تتغير بعدها الموائل الطبيعية بسرعة دون رجعة، مثل الغابات المطيرة التي تتحول إلى مناطق جافة لتصبح أكثر عرضة للحرائق، مما يجعلها تفشل في توفير ​​خدمات النظام البيئي". ولكن نظرًا لأن الإصدارات المستقبلية من النموذج تعالج النقاط سالفة الذكر، يتوقع الصندوق أن تتعزز آثار الحالة الاقتصادية الناتجة من الحفاظ على الطبيعة".

 

الخسائر ليست حتمية

 

لكن هناك بارقة أمل، فالتقرير يوضح أيضاً أن هذه الخسائر ليست حتمية إذا تبنى العالم مسارًا أكثر استدامة للتنمية وحماية المناطق المهمة للتنوع البيولوجي وخدمات النظام الإيكولوجي، وهذا من شأنه أن يساعد الاقتصاد العالمي على توفير ما يعادل 490 مليار دولار على الأقل سنوياً.

 

ويأتي هذا التقرير في وقت حرج ، حيث من المقرر أن يتخذ قادة العالم قرارات مهمة هذا العام في قمة دولية تعقد مرة واحدة كل عشر سنوات حول كيفية مواجهة التهديدات التي يتعرض لها التنوع البيولوجي والنظم البيئية.

 

يقول لامبرتيني  "هذا العام ، لدينا فرصة تاريخية لتغيير المسار من أجل البشر والكوكب. يجب أن تتعاون الدول لتقديم اتفاق عالمي طموح لاستعادة الطبيعة لاستكمال ما بدأناه في اتفاقية المناخ".

 

المصدر: فوربس

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة