نبض أرقام
23:38
توقيت مكة المكرمة

2024/05/19
15:21
14:03
13:49
12:21

للنجاح وجوه كثيرة.. لماذا لا تتكرر قصص النجاح في سوق الأسهم؟

2021/01/15 أرقام - خاص

في الوقت الذي يفضل فيه بعض الأشخاص تمضية العطلة الأسبوعية في قراءة كتاب أو تعلم مهارة جديدة، فإن آخرين قد يهتمون بالقيام بأنشطة مرحة تعوض إرهاق الأسبوع.


وكما يختلف الناس في اهتماماتهم وتفضيلاتهم، فإن الشخصيات تتباين أيضاً عندما يتعلق الأمر بالاستثمار وطرق التعامل مع خياراته المختلفة.


لكن رغبة البعض في تقليد قصص النجاح التي يقرأون عنها قد تجعلهم يلجأون لطرق مقتبسة بحثًا عن النجاح الذين يعتقدون أنه مضمون الحدوث.



قل لي من انت


عندما تجلس أمام مستشار مالي أو مدير للاستثمار، فإن أول سؤال يجب أن تتوقعه هو: ما أهدافك من عملية الاستثمار؟.


والغرض الأساسي من هذا السؤال يتمثل في معرفة مدى استعدادك للخسارة وقدرتك على تحملها، وهو ما يجب تحديده بدقة قبل دخول أي استثمار.


فالمخاطرة الأكبر تحمل احتمالين: ربح أكبر أو خسارة عالية، وبالتالي على المستثمر أن يعترف لنفسه قبل الآخرين بمدى قدرته على تحمل فكرة إمكانية فقدان الكثير في سبيل تحقيق أقصى ربح ممكن.


وعلى النقيض، فإنه على الراغبين في تجنب المخاطرة أن يتوقعوا تحقيق أموال أقل من جانب الاستثمار لكن مع احتفاظهم بدرجة أمان أكبر ربما تناسب شخصيتهم.


هناك بعض المستثمرين الذين لديهم شخصية محافظة بطبيعتهم، وهؤلاء يسعون دائماً للحذر والقلق من المخاطرة والسعي للأمان حتى لو على حساب احتمالات تحقيق أرباح أكبر.


وعلى الجانب الآخر، نجد آخرين يتتبعون نصائح العائلة والأصدقاء وحتى وسائل الإعلام بدون امتلاك خطة طويلة أو استراتيجية حقيقية، وعلى النقيض يبرز نوع آخر من المستثمرين الذين يمتلكون رأياً مستقلاً وخطة محددة مستعدين للمخاطرة في سبيل تنفيذها. 



معرفة شخصيتك المالية قد تساعد على تغيير السلوكيات المالية للأفضل، كما تجعلك مدركاً لمدى تحملك للمخاطرة وبالتالي تحديد تفضيلاتك الاستثمارية وما إذا كانت أهدافك تتعلق بالنمو أم الدخل.


والأمر لا يتعلق بالشخصية فحسب، ولكن أيضاً باختلاف الظروف والقدرات المالية والاحتياجات الشخصية وغيرها من الفروقات الطبيعية بين الجميع.


فإذا كانت أهداف ومخاوف واحتياجات الأشخاص تتباين بشكل واضح، فإنه من المنطقي أن تختلف توجهات واستراتيجيات الاستثمار.


أسئلة غير مهمة


يحكي المستثمر الأمريكي "مارتن شوارتز" أنه استخدم التحليل المالي لمدة تسع سنوات بدون تحقيق نجاح يذكر، لكنه وجد ضالته في التحليل الفني الذي جعله ثرياً.


وفي حين خسر "شوارتز" أموالاً كثيرة مع اعتماده على تحليل أساسيات الشركات والقطاعات والميزانيات العمومية، فإنه حوّل 40 ألف دولار إلى أكثر من 20 مليون دولار باستخدام تحليل الرسوم البيانية للأسهم.


هل هذا يعني أن التحليل المالي أداة سيئة؟، بالطبع لا، فإذا كان "شوارتز" فشل في تحقيق مكاسب من خلاله فإن المستثمر الشهير "جيم روجرز" كان له تجربة مخالفة تماماً.



"روجرز" الذي أسس مع "جورج سورس" صندوق "كوانتم فاند" اعتمد لاحقاً بشكل كلي على التحليل المالي لتحقيق نجاحات في استثماراته طويلة الأجل في الذهب والأسهم وغيرهما.


بل أن "روجرز" كان يسخر غالباً من التحليل الفني بقوله: "لم أقابل أبداً محللاً فنياً ثرياً، إلا هؤلاء الذين يبيعون خدماتهم ويحصلون على مقابل مالي".


لكن الواقع أن كلاً من "شوارتز" و"روجرز" حققا نجاحات كبيرة في الأسواق المالية رغم الاختلاف الكلي لطرق واستراتيجيات كليهما.


وعلى نفس المنوال، ينجح بعض المستثمرين من خلال الاهتمام بالتحليل المالي، بينما يحقق آخرون نجاحات عبر التركيز على الجانب الفني، في حين يتجه قطاع ثالث لاستخدام مزيج من التحليلين.


وبالتالي، لا وجود لمسار واحد ينتهي بالنجاح المضمون للمتداولين؛ فالمستثمرون الناجحون يجدون منهجية تناسب شخصيتهم الخاصة.


للنجاح وجوه كثيرة


يهتم بعض المستثمرين بالاطّلاع على كتب تتحدث عن كيفية التداول خطوة بخطوة عبر نصائح تفصيلية لآخرين نجحوا في تحقيق نجاحات كبيرة في سوق الأسهم.



لكن الواقع أنه لا وجود لـ"حل سحري" يكفل لكل من يعرفه النجاح في عالم الاستثمار، وإلا كان العالم يمتلئ بالأثرياء والمستثمرين الناجحين الآن.


ويمتلك الرابحون بشكل مستمر في سوق الأسهم أمرين مشتركين غالباً: نهج يعكس الشخصية الفريدة لكل منهم، وقدرة على إدارة المخاطر.


والمستثمرون الناجحون يمتلكون عادة القدرة على تطوير أسلوب للتداول يتوافق مع شخصيتهم ومبادئهم الخاصة، وليس السعي لتقليد ما يرونه حقق نجاحاً سابقاً.


وبالفعل، هناك مئات الطرق لتحقيق أرباح في سوق الأسهم، لكن كلها تحتاج لمجهود في البحث والدراسة والتزام باستراتيجية محددة.


وكما ينجح البعض في تكوين ثروات نتيجة امتلاك مراكز مالية في أسهم لعدة أشهر أو حتى سنوات، فإن آخرين يحققون نجاحاً في استثمارات قد لا تستغرق أياماً أو ربما ساعات.


فالنجاح في السوق يتعلق بإيجاد المنهج والطريقة المناسبة لكل شخص والتي تختلف بين مستثمر وآخر؛ لأن الحقيقة المؤكدة أنه لا وجود لحل واحد يصلح للجميع.


وربما يبدو من المنطقي بالنسبة للكثيرين أن يتوقعوا قيام أي مستثمر بالتداول وفقاً لرؤيته وشخصيته الخاصة، لكن الواقع يشير إلى حالات عديدة أضاع فيها البعض الوقت والمال في محاولة تكييف شخصياتهم مع طرق لا تناسبهم.


فهناك أشخاص يمتلكون قدرة فطرية على إنشاء أنظمة تداول تلقائية تعمل بشكل جيد، لكنهم كان يشعرون بعد ذلك بالحاجة إلى التدخل فيها، وهو ما كان كافياً لتخريب كل شيء.


وهناك آخرون كانت شخصياتهم تتلاءم مع فكرة تحديد اتجاه طويل الأجل، لكنهم كانوا يشعرون لاحقاً بالملل أو الرغبة في تقليد ما يرونه من ربح سريع لدى البعض، ما يتسبب في قيامهم بصفقات سريعة تحقق خسائر كبيرة.


التزم بطريقتك الخاصة


كان المستثمر الشهير "بول تيودور جونز" الذي توقع انهيار "وول ستريت" في عام 1987 يمتلك طريقة عصبية في الاستثمار، حيث يجلس في مكتبه طوال فترة جلسة التداول متابعاً الشاشة بشكل لحظي وملقياً تعليماته بصوت مرتفع لموظفيه.

 

 

وبالفعل يعتبر "جونز" أحد أشهر المستثمرين في العالم مع تحقيقه مكاسب تتجاوز 100% في خمسة أعوام متتالية في ثمانينيات القرن الماضي.


لكن على النقيض من ذلك المشهد، اعتاد "جيل بليك" الذي كان يعمل مديراً مالياً في إحدى الشركات أن يتداول مرة واحدة يومياً من منزله الشخصي بينما يرتشف قهوته في هدوء.


"جيل" دخل عالم الاستثمار مع محاولته إقناع صديق بالابتعاد عن إضاعة الوقت والجهد في تتبع السوق بشكل لحظي، ورغم النجاح الكبير الذي حققه لاحقاً فإنه رفض دخول عالم إدارة أموال الغير واكتفى بالاستثمار الشخصي.


الواقع أن "جونز" وبليك" حققا نجاحات كبيرة في الاستثمار من خلال أسلوب تداول مختلف يعكس تباين شخصيتهما، وهو ما كان يمكن أن يفشل إذا وقع أحدهما في فخ محاولة تقليد الآخر بحثاً عن نجاح مشابه.


يقول مدير الاستثمار "كولم أوشي": "إذا حاولت أن أعلمك ما أفعله سوف تفشل، لأنك لست مثلي، لكن إذا راقبت ما أفعله فربما تلتقط بعض العادات الجيدة لكن حينها قد ترغب في القيام بكثير من الأمور بشكل مختلف".


ويسرد "أوشي" أن لديه صديقاً كان يجلس بجواره لعدة سنوات في مكان عمل سابق، لكنه أصبح يدير استثمارات في صندوق تحوط آخر، ورغم أنه يتداول بشكل جيد فإنه يقوم بذلك بشكل مختلف عنه تماماً.
ويصف "أوشي" صديقه السابق بقوله: "لقد تعلم من السنوات السابقة ألا يصبح مثلي، لقد أصبح شخصاً مختلفا،ً لقد أصبح نفسه". 


وفي الحقيقة لا يوجد سر واحد يمكن اكتشافه وتحقيق نجاح مضمون في الاستثمار، وكل من يبحث عن إجابة واحدة جامعة لن يصل إلى شيء لأنه لا وجود لتلك الإجابة المنتظرة.


وعلى كل مستثمر أن يكتشف بنفسه الأسلوب والوسيلة والاستراتيجية التي تتوافق مع شخصيته الخاصة وأهدافه واحتياجته المالية، لأن محاولة نسخ تجارب الآخرين قد تكون الوسيلة المثالية لضمان الخسارة.

 


المصادر: أرقام –رويال بنك أوف كندا –سي إف إيه
كتاب: The Little Book of Market Wizards

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة