نبض أرقام
05:19
توقيت مكة المكرمة

2024/06/03
2024/06/02

كيف تجاوزت ألمانيا واليابان الانهيار بعد الحرب العالمية لتتحول لقوى اقتصادية كبرى؟

2015/08/15 أرقام
أشار تقرير نشرته وكالة "فرانس برس" إلى أن اليابان وألمانيا تمكنتا من النهوض بعد الحرب العالمية الثانية لتتحولا إلى قوى اقتصادية عالمية في غضون بضعة عقود من الزمن.

ورصد التقرير كيفية تحقيق هذا الإنجاز في وقت قصير نسبيًا، والإرث الحالي لهذه المعجزات الاقتصادية التي تعد نماذج تستحق التوقف أمامها.
 


كيف كان الحال بعد الحرب؟

فقدت اليابان جزءًا كبيرًا من سكانها خلال الحرب العالمية الثانية، منهم 210 آلاف شخص تقريبًا في كارثتي إلقاء القنابل النووية على مدينتي "هيروشيما"، و"نجازاكي".

كما فقدت ألمانيا ملايين من جنودها ومواطنيها خلال الحرب، بالإضافة إلى مقتل مئات الآلاف من الجنود في عمليات احتلال أوروبا الشرقية.

وتسبب القصف البريطاني والأمريكي للمدن الألمانية مثل مدينة "درسدن"، عن طريق متفجرات تقليدية وحارقة في عاصفة أودت بحياة نحو 25 ألف شخص، ومحا وسط المدينة التاريخي تمامًا.

وبلغت خسائر اليابان الاقتصادية جراء الحرب نحو ربع ثروتها الوطنية، قبل أن تُحتل من قبل القوات الأمريكية بعد استسلامها الشهير.

في حين فرضت قوات التحالف المكونة من الولايات المتحدة، والاتحاد السوفيتي السابق، وبريطانيا، وفرنسا سيطرتها على ألمانيا في عام 1945.

سرعة التعافي الاقتصادي
 


أصبحت اليابان ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة في عام 1968، حيث سجلت متوسط نمو بلغ 9% في الفترة بين عامي 1955 إلى 1973.

في حين تسارعت المعجزة الاقتصادية الألمانية بشكل أكبر، لتتحول ألمانيا الغربية إلى ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم بحلول خمسينيات القرن الماضي.

ويقول "تاج مورفي" عبر كتابه الصادر مؤخرًا بعنوان "اليابان وأغلال الماضي" إن اليابان تمكنت من تنفيذ تعافيها الاقتصادي مع احتلالها من قبل دولة واحدة، على خلاف ألمانيا التي تعافت رغم تعرضها للسيطرة من قبل 4 دول.

وأضاف أن الولايات المتحدة تحملت مسؤولية حماية اليابان، لتترك للأخيرة الفرصة للتركيز على التعافي الاقتصادي.

تأثير الحرب الباردة على السياسة الاقتصادية

انقسمت ألمانيا في عام 1949 إلى دولتين، سيطرت القوى الغربية الثلاثة (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا) على الجزء الغربي منها، في حين فرض الاتحاد السوفيتي هيمنته على ألمانيا الشرقية، قبل أن يعاد توحيد الألمانيتين في عام 1990.

وتلقت جمهورية ألمانيا الغربية نحو 1.3 مليار دولار كدعم لإعادة الإعمار من خلال خطة مارشال الممولة من الولايات المتحدة، في حين رفض زعيم الاتحاد السوفيتي آنذاك "جوزيف ستالين" المساعدات الأمريكية للجزء الشرقي المسمى "جمهورية ألمانيا الديمقراطية".

ونص اتفاق لندن للديون في عام 1953 على شطب 60% من الديون والتعويضات الألمانية، كما بني اقتصاد ألمانيا الغربية على أسس الرأسمالية التي كتبها المستشار المحافظ "كونراد أديناور" ووزير ماليته "لودفيج غيرهارد"، لتشهد البلاد ازدهارًا سريعًا بلغت نسبته 7% في الفترة بين 1946 إلى 1975، رغم تعرضها لبعض الركود أيضًا.

وسجلت ألمانيا الغربية تراجعًا في معدل البطالة من مستوى 11% في عام 1950 إلى نحو 0.7% فحسب في عام 1965.

 


وعلى الجانب الآخر، استمر الاحتلال الأمريكي لليابان حتى عام 1952، حيث جرت محاولات آنذاك لتفكيك تكتلات تجارية يابانية معروفة باسم "زيبستو".

ومثلت الحرب الكورية في الفترة بين عامي 1950 إلى 1953 فترة ازدهار للشركات اليابانية، مع ارتفاع الطلب على الصناعات التكنولوجية والصناعية من قبل القوات الأمريكية.

كما ساهم زيادة الأجور في اليابان آنذاك في ارتفاع طلب المستهلكين على المنتجات المحلية، وغيرها من السلع.

عوامل أخر وراء النمو

قادت الشركات في اليابان وألمانيا التحول الاقتصادي خلال المرحلة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية، مع ولاء الموظفين بفعل الوعود بزيادة الأجور، وضمان الوظائف، فضلًا عن المنتجات المبتكرة التي تم تصديرها في جميع أنحاء العالم.

ويرى خبراء أن الشركات اليابانية المختلفة، سواء تلك التي كانت موجودة قبل الحرب مثل "ميتسوبيشي"، و"تويوتا"، و"سوميتومو"، أو المؤسسات الجديدة التي نشأت بعد الحرب مثل "سوني"، و"هوندا" كانت تتمتع بشكل مؤسسي هرمي صارم يشبه إلى حد كبير ذلك الموجود في العائلات أو المؤسسات الدينية.

وأشار التقرير إلى أن التنسيق المحكم من قبل وزارة الصناعة ساعد أيضًا في دفع عجلة النمو الاقتصادي في اليابان.

وقال "إيفان تسيلكتيف" الخبير الاقتصادي في جماعة "نيغاتا" إن البنية التحتية البشرية قدمت بيئة مواتية للغاية، حيث امتلكت اليابان مجموعة واسعة من العمالة المتحفزة، والمنضبطة، والمثابرة، وسريعة التعلم، والتي كانت على استعداد للعمل لساعات طويلة مقابل أجور منخفضة جدًا (في البداية فقط)، بالإضافة إلى التزامها بخدمة شركاتها.

وعلى الجانب الآخر، كانت شركات ألمانية مثل "فولكس فاجن"، و"سيمنس"، و"تيسن" والتي أدارت عملياتها في قطاعات تصنيع السيارات، والإلكترونيات، والهندسة تمثل ركائز للنمو الاقتصادي في مرحلة ما بعد الحرب.
 


أين يقف الاقتصاد الألماني والياباني الآن؟

تراجعت اليابان إلى المرتبة الثالثة عالميًا في قائمة أكبر اقتصادات العالم طبقًا للناتج المحلي الإجمالي في عام 2010، بعد أن تمكنت الصين من الاستحواذ على المرتبة الثانية.

وأطلق رئيس الوزراء الياباني الحالي "شينزو آبي" أثناء ترشحه للانتخابات في نهاية عام 2012 خطة لتأييد الإنفاق، مع الدعوة لإجراء إصلاحات اقتصادية واسعة النطاق، وعملية تيسير كمي قوية من جانب البنك المركزي.

كما شهدت ثقافة "العمل مدى الحياة" تراجعًا تدريجيًا، مع الاعتماد بشكل أكبر على سياسة العمل بدوام جزئي، أو العمالة المؤقتة، ما وفر مرونة لسوق العمل في البلاد.

بينما تحتل ألمانيا المرتبة الرابعة في قائمة أكبر الاقتصادات حول العالم، حيث نجحت الإصلاحات الاقتصادية خلال العقد الماضي في السماح بمزيد من خلق الوظائف، وهبوط معدل البطالة إلى 4.7% حاليا، وهو بين أدنى المعدلات في الاقتصادات المتقدمة.

وتتعرض العديد من الشركات في الوقت الحالي لضغوط عنيفة مع تباطؤ اقتصاد الصين، والتقلبات الأخيرة في الأزمة اليونانية، ما يضع صدارة ألمانيا داخل الاتحاد الأوروبي، ودورها القوي في التأثير على العملة الأوروبية الموحدة تحت الأنظار.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة